للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نذكر في هذا الباب حكمَهُم، وواجبٌ على الناس مَعونةُ إمامهم في قتال البغاة؛ لما ذكرنا في أول الباب؛ ولأنهم لو تَركوا معونته، لقهرَهُ أهلُ البغي، وظهرَ الفساد في الأرض» (١).

وقال أيضًا: «وإن سَبُّوا الإمامَ أو غيره من أهل العدل، عُزِّروا؛ لأنهم ارتكبوا محرَّمًا لا حدَّ فيه. وإن عرضوا بالسَّب، فهل يُعزَّرون؟ على وجهين.

وقال مالك في الإباضية، وسائر أهل البدع: يُستتابون، فإن تابوا، وإلَّا ضُربت أعناقهم.

قال إسماعيل بن إسحاق: رأى مالك قتلَ الخوارج وأهلِ القدر، من أجل الفساد الداخل في الدين، كقُطَّاع الطريق، فإنْ تابوا، وإلَّا قُتلوا على إفسادهم، لا على كُفرهم … » (٢).

وقال النووي: ««فإذا لقيتُموهُم فاقتلُوهم فإنَّ في قتلهِم أجرًا» (٣)، هذا تصريحٌ بوجوب قتال الخوارج والبغاة وهو إجماعُ العلماء، قال القاضي أجمعَ العلماء على أنَّ الخوارج وأشباههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام وخالفوا رأيَ الجماعة وشقُّوا العصا وجبَ قتالُهم بعدَ إنذارِهم والاعتذارِ إليهم؛ قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}، لكن لا يُجهَز على جريحهم ولا يُتبع منهزمُهم ولا يُقتل أسيرُهم ولا تُباح أموالُهم؛ وما لم يخرجوا عن الطاعة وينتصبوا للحرب لا يُقاتَلون بل يُوعَظون ويُستتابون من بدعتهم وباطلهم؛


(١) المغني (٨/ ٥٢٣).
(٢) المغني (٨/ ٥٣٠).
(٣) أخرجه البخاري (٣٦١١)، ومسلم (١٠٦٦) من حديث علي -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>