للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكشفُ هذه الشبهة من أوجه ثلاثة:

الوجه الأول: أخرج فتوى مالك ابن جرير في تاريخه (١) بإسناد فيه سعد بن عبد الحميد، وهو وإنْ كان مقبولًا لكن فيه ضغفٌ مما يتردَّد في قبول تفرُّداته، لذا قال ابن حبان: «كان ممن يروي المناكير عن المشاهير وممن فحُشَ وهمهُ حتى حسنَ التنكيب عن الاحتجاج به» (٢)، وقال الحافظ في التقريب: «صدوق له أغاليط».

الوجه الثاني: أنه لو كان مالك مخالفًا في صحَّة بيعة المتغلِّب لبيَّن ذلك أئمَّة السُّنة وجعلوها من شواذِّه لأنه خالفَ في مسألةٍ إجماعية، بل بيَّن ذلك أصحابُه وهم ممن نقلوا إجماعَ العلماء على صحَّة بيعة المتغلِّبين؛ كابن بطال وابن أبي زيد القيرواني وغيرهما وقد تقدَّمت الإشارة لذلك (٣).

الوجه الثالث: أنه قد حصل خلافٌ كثير في سبب ضرب مالك، وقد ساق الخلاف القاضي عياض، ولما جاء إلى ذكرِ أنَّ السبب في ضربه أنه أفتى الناس بالقيام مع النفس الزكية لأن بيعة أبي جعفر لا تلزم لأنها على الإكراه = قال القاضي عياض: (وذُكِرَ عنه) بصيغة التمريض. وإليك كلام القاضي عياض.

قال القاضي -رضي الله عنه-: «قال الطبري اختُلف فيمن ضرب مالكًا وفي السَّبب في ضربهِ وفي خلافةِ مَنْ ضُرب»، ثم قال: «وذُكِرَ عنه أنه أفتى الناس عند قيام محمد بن عبد الله بن حسن العلوي المسمَّى بالمهدي بأن بيعة أبي جعفر لا تلزم لأنها على الإكراه».


(١) (٧/ ٥٦٠).
(٢) المجروحين (١/ ٣٥٧).
(٣) تقدم (ص: ٦٩).

<<  <   >  >>