للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: «وولي الأمر إنَّما نُصِّبَ ليأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وهذا هو مقصود الولاية، فإذا كان الوالي يُمكِّن من المنكر بمالٍ يأخذه، كان قد أتى بضدِّ المقصود، مثل مَنْ نصَّبتُه ليُعينكَ على عدوك، فأعان عدوك عليك، وبمنزلة من أخذ مالًا ليجاهد به في سبيل الله، فقاتل به المسلمين، يوضح ذلك أن صلاح العباد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإن صلاح المعاش والعباد في طاعة الله ورسوله، ولا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت هذه الأمة خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس، قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}» (١).

وقال الإمام ابن القيم: «وجميع الولايات الإسلامية مقصودُها الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر» (٢).

وقال الشوكاني: «والحاصلُ أن الغرض المقصود للشارع من نصب الأئمة هو أمران: أوَّلهما وأهمهما إقامة منار الدين، وتثبيت العباد على صراطه المستقيم، ودفعهم عن مخالفته والوقوع في مناهيه طوعًا وكرهًا.

وثانيهما تدبير المسلمين في جَلْب مصالحهم، ودفع المفاسد عنهم، وقسمة أموال الله فيهم، وأخذِها ممن هي عليه وردِّها، فيمن هي له وتجنيد الجنود، وإعداد العدة لدفع مَنْ أراد أن يسعى في الأرض فسادًا من بُغاة المسلمين وأهل الجسارة منهم = من التسلط على ضعفاء الرعية، ونهب أموالهم، وهتكِ حرمتهم، وقطعِ سُبلهم، ثم القيام في وجه عدوهم من الطوائف الكفرية إن قصدوا ديارَ الإسلام


(١) السياسة الشرعية (ص: ٥٨).
(٢) الطرق الحكمية (ص: ١٩٩).

<<  <   >  >>