للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرضَ طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على كلِّ أحدٍ في كلِّ حال، فقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١].

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦].

وقد صنَّف الإمام أحمد كتابًا في طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين. فطاعةُ الله ورسوله، وتحليلُ ما أحلَّه الله ورسوله، وتحريمُ ما حرَّمه الله ورسوله، وإيجابُ ما أوجبه الله ورسوله واجبٌ على جميع الثقلَين الإنس والجن؛ واجبٌ على كلِّ أحدٍ في كلِّ حال سرًّا وعلانية» (١).

وقال الإمام ابن القيم:

«وقال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

فأقسمَ سبحانه بنفسه أنَّا لا نؤمنُ حتى نحكِّم رسوله في جميع ما شجَر بيننا، وتتسع صدورُنا بحكمه، فلا يبقى منها حرَجٌ، ونسلِّم لحكمه تسليمًا، فلا نعارضُه بعقلٍ ولا رأي ولا هوى ولا غيره، فقد أقسمَ الربُّ سبحانه بنفسه على نفي الإيمان عن هؤلاء الذين يقدِّمون العقل على ما جاء به الرسول؛ وقد شهدوا هم على أنفسهم بأنهم غير مؤمنين بمعناه، وإن آمنوا بلفظه، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: ١٠].


(١) الفتاوى الكبرى (٥/ ٩٦).

<<  <   >  >>