للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا نصٌّ صريحٌ في أنَّ حكم جميع ما تنازعنا فيه مردودٌ إلى الله وحدَه، وهو الحاكمُ فيه على لسان رسوله، فلو قُدِّم حكمُ العقل على حُكمهِ لم يكن هو الحاكمَ بكتابهِ، وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: ٣]» (١).

السمة الثانية: الدولة الإسلامية والدينية تقدِّم العلم الشرعي وعلماءه؛ لأنهم مبلِّغون دين الله، لكن لا تراهم حجة، بل أقوالهم وأفعالهم يُحتجُّ لها لا بها، وغاية وظيفة العلماء البلاغ، أما التغيير والسلطة التنفيذية فهي بيد وليِّ الأمر المسلم.

والدولة مطالَبة بالرجوع إلى العلماء وسؤالهم عما جهلوا من شرع الله.

قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

وقال: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ٨٣].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والقوة في الحكم بين الناس ترجعُ إلى العلم بالعدل الذي دلَّ عليه الكتابُ والسنة، وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام» (٢).

السمة الثالثة: الحاكم والسلطان يُسمع ويُطاع له في غير معصية الله، وإذا أمرَ بمعصيةِ الله فلا تجوزُ طاعته في هذه المعصية، ويحفظ مقداره ومنزلته، ولا يجوز الخروجُ عليه ولا نزعهُ بما أنه مسلم ولو فسقَ وظلم، بل يُصبر على أذاه وظُلمهِ حتى يستريح برٌّ، أو يُستراحَ من فاجر.


(١) الصواعق المرسلة (٣/ ٨٢٨).
(٢) السياسة الشرعية (ص: ١٣).

<<  <   >  >>