للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: أن كفار قريش عرضوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يملِّكوه ورفضَ ولم يلتفت إليهم، ولو كان الملك وإيجاد الدولة المسلمة مرادًا لذاته لقبلَ أن يكون ملكًا عليهم (١).

أما الدليل الثاني من استدلالاته التي لا دلالة فيها على مرادهِ قولُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للأنصار: «بايعوني على السَّمع والطاعة … » إلى آخر الحديث وإلى آخر ما قال الدكتور حاكم العبيسان.

قد فهم الدكتور حاكم العبيسان خطأ لمَّا ظنَّ أن معنى الدعوة إلى الدولة المسلمة في هذه الفترة: أنه يعني أن الدولة المسلمة مرادة لذاتها؛ لأن غاية ما في هذا الدليل أنه دعا إليها، وهذا حقٌّ يقول به من يقرِّر أنَّ الدولة مرادة لغيرها، كما يقول به من يقول إنَّ الدولة مرادة لذاتها، فإذًا الدعوةُ إلى إقامة الدولة لا يُفيد أنها مرادة لذاتها؛ لمجرد أن الشريعة دعت إليها، فإنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الدِّين كلِّه سواءٌ كان مرادًا لذاته أو لغيره، فلا يصحُّ أن يُستنبط من دعوته لأمر أنه مرادٌ لذاته لمجرَّد دعوته إليه.

إذا تبين هذا يتبيَّن غرابة استدلاله بهذا جدًّا، ثم ضعفُ بقية أدلته وغرابةُ استدلاله بها.


(١) سيرة ابن هشام (ص: ٢٩٣)، وحسَّن القصة العلامة لألباني في حاشيته على كتاب فقه السيرة (ص: ١١٦).

<<  <   >  >>