للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي بمنزلة عصيان أمرِ النبي -صلى الله عليه وسلم-»، ثم قال: «وبالجملة فالكلمات في هذا الباب ثلاثة أقسام:

إحداهن: ما هو كفرٌ؛ مثل قوله: «إنَّ هذه لقسمةٌ ما أُريدَ بها وجهُ الله».

الثاني: ما هو ذنبٌ ومعصية يُخافُ على صاحبه أن يحبط عمله؛ مثل رفع الصوت فوق صوته ومثل مراجعة مَنْ راجعَهُ عام الحديبية بعد ثباته على الصلح، ومجادلة مَنْ جادلَهُ يومَ بدرٍ بعد ما تبيَّن له الحقُّ؛ وهذا كلُّه يدخل في المخالفة عن أمره.

الثالث: ما ليس من ذلك بل يُحمد عليه صاحبه أو لا يُحمد؛ كقول عمر:

«ما بالُنا نقصُرُ الصَّلاة وقد أمِنَّا؟» (١)، وكقول عائشة: «ألم يقل الله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الحاقة: ١٩]؟ (٢)»، وكقول حفصة: «ألم يقل الله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١]؟ (٣)»، وكمراجعة الحباب في منزل بدر (٤)» (٥).

فإذا ثبت أنه محرم فهو ممنوع في الشريعة، فلا دلالة فيه على الحرية السياسية المزعومة، بل فيه دلالة واضحة على خلاف ذلك ونقيضه، ثم - على التسليم به - فهو من النُّصح الجائز لأنه أمامه لا وراءه.

الأمر السادس: ذكر أن المسلمين يعترضون على سياسة الخلفاء الراشدين، ولم يعترض عليهم أحدٌ بأذى.


(١) صحيح مسلم (٦٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٠٣).
(٣) صحيح مسلم (٢٤٩٦).
(٤) البيهقي في السنن الكبرى (٩/ ١٤٤).
(٥) الصارم المسلول (ص: ١٩٦).

<<  <   >  >>