للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعلَّق بكلام للإمام الشافعي ظنَّه نافعًا له في تقرير حريته المفرطة فقال: «كلُّ هذا الفجور والقول الزور أشاعَهُ عني - فلان - لأني أدعو إلى (الحرية والتعددية السياسية) في ظل النظام السياسي الإسلامي الذي سمح بوجود غير المسلمين من أهل الكتاب والمجوس، لقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ولكون النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتعرَّض للمنافقين الذين كانوا مع المسلمين الذين كانوا يشاورهم النبي -صلى الله عليه وسلم- كغيرهم ويعترضون عليه فلا يتعرَّض لهم، فمن باب أولى المخالفين في الرأي من المسلمين كما فعلَ علي وعثمان مع الخوارج وأهل الأهواء؛ فما بالُكَ بالأحزاب السياسية التي تلتزم بالنظام العام للدولة في الإسلام، وتتنافس فيما بينها في البرامج السياسية؟، قال الإمام الشافعي في شأن حرمة التعرض للمنافقين إلَّا ببينة».

ثم نقل كلامًا طويلًا، وما ذكره هذا تقدَّم الجواب عنه (١) لكنه زاد بنقل كلام للشافعي طويل خلاصته عدمُ التعرُّض للمنافقين، وأنهم يُعامَلون بالظاهر دون التنقيب عن بطونهم ولا يُلتفت إلى الظنون في التعامل معهم، وهذا الكلام عليه، وذلك أنَّ الشافعي كرَّر أنه ليس له إلَّا الظاهر، فمعنى هذا: مَنْ أظهر نفاقَهُ وكُفره عُومِلَ بالظاهر؛ فقال الشافعي - فيما نقل العبيسان -: «وأنَّ حُكمهُ عليهم في الدنيا إنْ أظهروا الإيمان جُنَّة لهم.

وقال الشافعي أيضًا: وكلّ مَنْ حَقَنَ دمَهُ في الدنيا بما أظهَر مما يعلم جلَّ ثناؤه خلافَهُ من شِرْكهِم لأنه أبان أنه لم يوَلِّ الحكمَ على السرائر غيرَهُ»، ثم قال: قد علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ المنافقين كاذبون وحقنَ دماءَهُم بالظَّاهر، وتولَّى الله -عز وجل- منهم السرائر … الخ».


(١) تقدم (ص: ٣١٦، ٣٣٠).

<<  <   >  >>