للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّ الصحابة لم يروا لهم عليهم سبيلًا في منعهِم من هذا الانتماء لقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، ولإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على عدم التعرُّض للخوارج ما لم يصولوا على الناس بالسيف» (١).

في هذا الكلام المتناقض الواهي عدة أمور:

الأمر الأول: فرقٌ في الشريعة بين أن يجتمعَ أقوامٌ يتعاونوا على البِّر والتقوى تحت حُكمِ الحاكم العام، ولم يمنع ذلك السلطان، ولا يكون بينهم ولاءٌ وبراء على هذا التجمع، فرقٌ بين هذا وبين التجمُّع الحزبي الذي لا يكون تحت حُكمِ الحاكم المسلم العام، بل ينفصلُ عنه ببيعةٍ أو ما في معناها، أو يكون الولاء والبراء على هذا الحزب، أو يكون هذا التحزب للتعاون على الإثم والعدوان من مناطحة السلطان.

هذا النوع الثاني من التجمُّع تجمُّع محرَّم في الشريعة؛ لأنه لا بيعة في الشريعة إلَّا للحاكم العام، والبيعة الخاصة منازعة له، وكذا الحبُّ والبغض لله وفي الله لا في الأحزاب والتجمعات.

وزيادةً على أنه محرَّم فهو بدعة أيضًا؛ لوجود المقتضي لفعله عند السلف ولم يفعلوه، ولا مانع يمنعهُم.

الأمر الثاني: أنَّ الأحزاب السياسية إذا كانت تعمل لمناصحة الحاكم أو إظهارِ عيوبه وأخطائه، فهي أحزاب محرَّمة لما تقدَّم تقريرهُ من وجوب السَّمع والطاعة للحاكم (٢)، وعدم نشرِ عيوبهِ وأخطائه وهكذا.


(١) (ص: ٩٣).
(٢) تقدم (ص: ٣٥).

<<  <   >  >>