للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا سرًّا ولا علانية، وأما مشابهة الكفار فكمشابهة أهلِ البدع وأشدُّ» (١).

وصدقَ الإمام أحمد لمَّا ذكرَ أن أكثر أخطاء الناس في القياس.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فرضي الله عن أحمد حيث يقول: ينبغي للمتكلم في الفقه أن يجتنب هذين الأصلين: المجمَل، والقياس، وقال أيضا: أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس» (٢).

الأمر الرابع: زعم أنَّ عثمان وعليًّا لم يعترضا على الخوارج، ثم قال: «والمقصود بالجواز والحق هنا الجوازُ والحقُّ القضائي الذي لا تستطيع السُّلطة مصادرته، لا الجواز ديانةً وإفتاءً؛ إذ يحرمُ الانتماءُ للخوارج وفرقِ أهل البدع، إلا أنَّ الصحابة لم يروا لهم عليهم سبيلًا في منعهم من هذا الانتماء لقوله تعالى {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}».

هذا تناقضٌ لأنه إذا كان محرَّمًا فيجبُ إنكاره، فإنَّ هذا أعظم مقصدٍ من مقاصد الولاية؛ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - كما تقدم نقله عن العلماء (٣) - فكيف يكون منكرًا ويتركان إنكاره.

وإنَّما غاية الأمر أنهم تركوا قتالهم لمصلحة؛ وهذا لا يعني أنه لا يجوز إنكاره وردعُهم إذا زالت هذه المصلحة، فلما نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحابة عن الإنكار على الأعرابي الذي بالَ في المسجد لمصلحة، فهذا لا يعني أنَّ البول في المسجد لا ينكر إذا زالت المصلحة المانعة من الإنكار.


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٥٣١).
(٢) القواعد النورانية (ص: ٢٥٥).
(٣) تقدم (ص: ٢٧).

<<  <   >  >>