للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تناقضَ الدكتور حاكم العبيسان لمَّا عظَّم دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وجعلَها بعيدةً في باب الولاية عمَّا سمَّاه بالخطاب المؤول، وحقيقة دعوة الإمام دعوة سلفية تقرَّر السمع والطاعة للحاكم المسلم ولو كان فاسقًا، والصبرَ على جَوره وحُرمة الخروج عليه، فأوَّل الدكتور أنَّ الإمام محمد بن عبد الوهاب ممن سبق إلى إنكار الخطاب المسمَّى عنده بالخطاب المؤول، ثم نقلَ كلمة الإمام محمد في أنَّ من تغلَّب فلهُ حكمُ الإمام في كلِّ شيء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، فوقع الدكتور في تناقضَين:

التناقض الأول: أن يؤصِّل تأصيلًا بدعيًّا في إنكار الصَّبر على جَور الحاكم المتغلِّب، والإمامُ محمد بن عبد الوهاب يقرِّر هذا وينقلُ عليه الإجماع، ثمَّ ينقله الدكتور مقرًّا له؛ وهذا مخالفٌ لما أقامَ كتابه عليه.

التناقض الثاني: أنَّ الإمام علَّلَ بأنه لولا هذا - وهو معاملة المتغلب معاملة مَنْ تولَّى بالاختيار - لما استقامت الدنيا، وهذا ما ينكره الدكتور بغيًا أو جهلًا

- كما تقدم - (١).

وبعد أن كتبتُ هذا وقفتُ على كلامٍ للدكتور الفاضل حمد العثمان - وفقه الله وسدَّده - فرأيتُه فهمَ ما فهمتُ من تناقض العبيسان، فقالَ بعد أن نقلَ كلامه في عدم صحّة إمامة المتغلِّب: «والدكتور العبيسان كعادته تناقضَ وردَّ على نفسه بنفسه، فإنه في موضعٍ آخر من كتابه (الطوفان) استدلَّ بكلام الإمام محمد بن عبد الوهاب في ردِّه على الخطاب المؤول حيث نقل عن شيخ الإسلام المجدِّد ابن عبد الوهاب -رحمه الله- أنه قال: «الأئمة مجمعون في كلِّ مذهب على أن مَنْ تغلَّب


(١) تقدم (ص: ٣٠٨).

<<  <   >  >>