للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا خبر بِمعنَى الأمر، وهو نصٌّ فِي المسألة، قال النووي: «(الإمام جُنَّة): أي كالستر؛ لأنه يَمنع العدو من أذى المسلمين، ويَمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام، ويتَّقيه الناس، ويخافون سَطوته، ومعنَى يقاتل من ورائه: أي يُقاتل معه الكفار والبغاةُ والخوارج وسائرُ أهل الفساد والظُّلم» (١).

وقال ابن حجر: «لأنه يَمنع العدوَّ من أذى المسلمين، ويكفُّ أذى بعضهِم عن بعضٍ، والمرادُ بالإمام: كلُّ قائمٍ بأمور الناس» (٢).

٢ - عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: «قلت: يا رسول الله، فما ترى إنْ أدركنِي ذلك؟ قال: تلزمُ جماعة المسلمين وإمامهم. فقلت: فإن لَم تكن لَهُمْ جماعةٌ ولا إمام. قال: فاعتزلْ تلكَ الفرقَ كلَّها، ولو أن تعضَّ على أصل شجرة حتَّى يأتيك الموتُ وأنتَ على ذلك» (٣).

وجه الدلالة: أنه مأمورٌ بالتزام جماعة المسلمين وإمامهِم وألَّا يفارقهم. فإن قيل: الذي يذهب - الآن - إلى الجهاد هو ينتقل من جماعة مسلمين وإمامهم إلى جماعةِ مسلمين آخرين وإمامهم، فهو إذن ملازمٌ لجماعة المسلمين وإمامهم.

قيل: هذا لا يجوز وهو عينُ الغدرِ الذي نَهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ الغادرَ يُنصَبُ لهُ لواءٌ يوم القيامة، يقال: هذا غَدرةُ فلان» (٤)، وقد استدل به ابن عمر على حُرمة خلع البيعة من يزيد إلى ابن مطيع وابن حنظلة.


(١) شرح مسلم (١٢/ ٢٣٠).
(٢) فتح الباري (٦/ ١١٦).
(٣) أخرجه البخاري (٣٦٠٦)، ومسلم (١٨٤٧).
(٤) أخرجه البخاري (٦١٧٨)، ومسلم (١٧٣٥).

<<  <   >  >>