للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعيين واحدٍ منهم، وهذا مما أجمعَ عليه السَّلفُ الصالح، ولا مبالاة بخلافِ أهل البدع في بعض هذه المسائل، فإنهم مسبوقون بإجماع السلف، وأيضًا: فإنهم لا يُعتدُّ بخلافهم على ما تقدَّم» (١).

وقال الماوردي الشافعي: «وأما انعقاد الإمامة بعهدٍ من قبله فهو مما انعقد الإجماعُ على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته لأمرين عملَ المسلمون بهما ولم يتناكروهما؛ أحدهما: أنَّ أبا بكر -رضي الله عنه- عَهِدَ بها إلى عمر، فأثبتَ المسلمون إمامته بعهده، والثاني: أنَّ عمر -رضي الله عنه- عهدَ بها إلى أهل الشورى، فقَبلت الجماعةُ دخولَهم فيها - وهم أعيان العصر - اعتقادًا لصحة العهد بها وخرج باقي الصحابة منها، وقال علي للعباس رضوان الله عليهما حين عاتبه على الدخول في الشورى كان أمرًا عظيما من أمور الإسلام لم أر لنفسي الخروج منه، فصار العهد بها إجماعًا في انعقاد الإمامة» (٢).

وقال النووي: «وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحلِّ والعقد لإنسانٍ إذا لم يستخلف الخليفة، وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة، كما فعل عمر بالسِّتة» (٣).

وقال أبو زرعة العراقي: «وقد انعقد الإجماع على أنَّ الخليفة يجوز له الاستخلافُ وتركُه، وعلى انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بعقد أهل الحلِّ والعقد لإنسانٍ إذا لم يستخلفْهُ الخليفة، وعلى جوازِ جعلِ الخليفة الأمرَ شورى بين جماعةٍ


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ١٥).
(٢) الأحكام السلطانية (ص: ٣٠).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>