للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّ أخذَ مال مسلم أو ذميٍّ بغير حقٍّ، وضربَ ظهرهِ بغير حقٍّ إثمٌ وعدوانٌ وحرام، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ دماءكم وأموالَكُم وأعراضَكم حرامٌ عليكم» (١)، فإذْ لا شكَّ في هذا، ولا اختلافَ من أحد من المسلمين، فالمسلم مالُه للأخذ ظلمًا وظهرهُ للضَّرب ظلمًا، وهو يقدر على الامتناع من ذلك بأيِّ وجهٍ أمكَنه معاونٌ لظالمه على الإثم والعدوان، وهذا حرامٌ بنصِّ القرآن، ثم قال: وأما الأحاديث فقد صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ رأى منكم منكرا فليغيِّرهُ بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلكَ أضعفُ الإيمان، ليس وراء ذلك من الإيمان شيء» (٢).

وصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا طاعةَ في معصيةٍ؛ إنَّما الطاعة في المعروف» (٣)، «وعلى أحدكم السَّمع والطاعة ما لم يُؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصيةٍ فلا سمعَ ولا طاعة» (٤)، وإنه -عليه السلام- قال: «مَنْ قُتل دون مالهِ فهو شهيد، والمقتول دون دينه شهيد، والمقتول دون مظلمة شهيد»، وقال -عليه السلام-: «لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنهَوُنَّ عن المنكر، أو ليعُمنَّكُم الله بعذاب من عنده».

فكان ظاهر هذه الأخبار معارضًا للآخر، فصحَّ أنَّ إحدى هاتين الجملتين ناسخة للأخرى لا يمكن غير ذلك، فوجبَ النظر في أيِّهما هو الناسخ، فوجدنا تلك الأحاديث التي منها النهيُ عن القتال موافقةً لمعهود الأصل، ولما كانت الحال فيه في أول الإسلام بلا شك، وكانت هذه الأحاديث الأُخر واردةً بشريعة


(١) أخرجه البخاري (٦٧)، ومسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-.
(٢) سبق تخريجه (ص: ٥٧).
(٣) سبق تخريجه (ص: ٧٥).
(٤) سبق تخريجه (ص: ٧٥).

<<  <   >  >>