للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا معناه» (١).

فعلى هذا لا بيعة لهؤلاء الحكام؛ لأنه لم يجتمع الناس كلهم عليهم.

وكشف هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: تقدم تقرير جواز البيعة للحكام إذا تعدَّدت الدول (٢)، فلو قُدِّر أن كلام الإمام أحمد على خلاف هذا لرُدَّ كلامه، فإنَّ العبرة بالحجَّة والدليل. كيف وكلامه ليس كذلك قطعًا وحاشاه أن يتبنَّى ما يخالفُ معتقد أهل السنة وهو إمامٌ في السنة.

الوجه الثاني: تقدَّم كلامُ الإمام أحمد في صحَّة البيعة للحاكم حتى للمتغلب (٣)، وأنَّ من خالفَ في ذلك فهو مبتدع، ويدخل في كلامه أهلُ زمانه، ومن المعلوم أنَّ ولايات المسلمين في زمانه متعدِّدة فلم يجتمعوا على حاكمٍ واحد.

قال -رحمه الله-: «ومَن خرجَ على إمام من أئمة المسلمين، وقد كانوا اجتمعوا عليه، وأقرُّوا بالخلافة بأي وجهٍ كان بالرضا أو الغلبة = فقد شقَّ هذا الخارجُ عصا المسلمين وخالفَ الآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنْ ماتَ الخارجُ عليه مات ميتةً جاهلية، ولا يحلُّ قتالُ السلطان، ولا الخروجُ عليه لأحدٍ من الناس، فمَن فعلَ ذلك فهو مبتدع على غير السنة» (٤).


(١) السنة لأبي بكر بن الخلال (١/ ٨٠).
(٢) تقدم (ص: ٩٤).
(٣) تقدم (ص: ٣٩).
(٤) أصول السنة (ص: ٤٥)، وأؤكد أنَّ الأصل فيما يُذكر في كتب العقائد أنها مسائل مجمَعٌ عليها، والعلماء المؤلفون في العقائد يشيرون لهذا لا سيما أنهم يبدِّعون المخالف.

<<  <   >  >>