للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنظر فيه نظر جاهل به، ودفع فيه ثمنا يضحك منه ومن دافعه؛ فتحقق الرجل غلطه، وغالطه واستعاد الكتاب، وأباعه على بعض محبى الكتب بمصر بأمثال تلك القيمة، وقال: تحقّقت أن أهل مصرنا هم خير أهل الأمصار.

ومن العجب أن هذا القاضى المذكور كان يحكى هذه الحكاية عن نفسه، ثم يعتذر ويقول: إنما تقاعدت فيه ظنا منى أن أهل مصر قد جهلوه. ولعمرى إن هذا غاية الجهل من هذا المذكور، فرحم الله التراب، ماذا يستر من الفضائح، ويغطّى من القبائح! ووقف القاضى الفاضل عبد الرحيم بن على البيسانىّ- رحمه الله- نسخة من هذا الكتاب على مدرسته بالقاهرة المعزيّة، رأيت ذكره فى فهرستها، وعاتبه بعض من يدلّ عليه من أهل الفضل فى إخراجه عن مجلسه فقال: هو كتاب كبير يغنى عنه غيره مما هو ألطف منه. ولما سمعت هذا القول ما أعجبنى، وتعجبت منه واستدللت على ضيق عطن الرجل، ثم زاده ذلك عندى مقتا ما حكى عنه أنه قال:

يجب أن يلحق فى تراجم ثلاثة من الكتب: «عين، نون، هاء». فأوّلها كتاب الاستغناء للأدفوىّ، فإذا اتبعت الترجمة عنه صار الاستغناء عنه، وإن يلحق مثل ذلك فى كتاب إخوان الصفاء فيصير إخوان الصفاعنة [١]. وأن يزاد مثل ذلك فى ترجمة معانى القرآن للفرّاء، فتصير معانى القرآن للفراعنة، إشارة إلى قوّة الفرّاء والكوفيين المنقول عنهم ذلك النوع. وأنشد عند هذه الأقوال:

ومن ذا الذى ترضى سجاياه كلّها


[١] الصفاعنة: جمع صفعان؛ وهو الذى يصفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>