للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقهم الدهر بعد برّ ... كأنه طالب بوتر

أبدلهم بالنّعيم بؤسا ... وذلّة بعد طول كبر

قال: ومات معاذ فى تلك السنين، وأدرك أولاده وأولاد أولاده رجالا، وماتوا كلّهم؛ وفى ذلك يقول:

ما يرتجى فى العيش من قد طوى ... من عمره الذّاهب تسعينا

أفنى بنيه وبنيهم فقد ... جرّعه الدهر الأمرّينا

لا بدّ أن يشرب من حوضهم ... وإن تراخى عمره حينا

وقال على بن مسلم بن الهيثم بن مسلم الكوفىّ: كان أبو مسلم [١] مؤدّب عبد الملك ابن مروان قد نظر فى النّحو، فلما أحدث النّاس التّصريف لم يحسنه وأنكره، فهجا أصحاب النحو، فقال:

قد كان أخذهم فى النّحو يعجبنى ... حتّى تعاطوا كلام الزّنج والرّوم

لمّا سمعت كلاما ليس يعجبنى ... كأنّه زجل الغربان والبوم

تركت نحوهم والله يعصمنى ... من التّقحّم فى تلك الجراثيم

فأجابه معاذ الهرّاء أستاذ الكسائىّ:

عالجتها أمرد حتى إذا ... شبت ولم تعرف أباجادها

سمّيت من يعرفها جاهلا ... يصدرها من بعد إيرادها

سهّل منها كل مستصعب ... طود عليه فوق أطوادها [٢]

ذكر المسألة التى سمعها أبو مسلم عند معاذ الهرّاء

قال إسحق بن الجصّاص: جلس أبو مسلم مؤدّب عبد الملك بن مروان إلى معاذ بن مسلم الهرّاء النحوىّ- وكان يبيع الهروىّ- وسمع معاذا يناظر رجلا


[١] ذكره الزبيدىّ وذكر الخبر فى الطبقات ٨٧ - ٨٨.
[٢] فى الطبقات:
طود علا القرن من أطوادها

<<  <  ج: ص:  >  >>