٤١٢ - عبد الملك بن قطن المهرىّ القيروانى النحوىّ [١]
شيخ أهل اللغة والعربية هناك، وراوى القوم وعميدهم ورئيسهم، والمقدّم فى بلده وزمانه. وكان من أحفظ الناس لأنساب العرب وأشعارهم ووقائعهم وأيامهم. وكانت الأشعار المشروحة تقرأ عليه مجرّدة من الشرح فيشرحها ويفسّر معانيها، فلما دخلت المشروحة إلى إفريقية نظر طلبة العلم من العربية والنحو فيها، وفيما كانوا رووا عنه فيها، فلم يجدوا فى شرحه خلافا لما قال أصحاب الشرح، ولا وجدوا عليه فى روايته وتفسيره شيئا من الخطأ.
وكان لقى جماعة من العلماء بالعربية والمعروفين بالرواية؛ منهم ابن الطرمّاح «١» الأعرابىّ وأبو المنيع الأعرابىّ. وله كتب كثيرة ألّفها؛ من ذلك كتاب فى تفسير مغازى الواقدىّ، وكتاب يسمى كتاب الألفاظ، وكتاب فى اشتقاق الأسماء؛ مما لم يأت به قطرب.
وكان شاعرا خطيبا بليغا، وكان من عقلاء العلماء. وقام بخطبة- بين يدى زيادة الله بن محمد بن الأغلب «٢» - وهو أمير إفريقية يومئذ- طويلة فصيحة؛ ذهب فيها إلى تقريظه، ووصلها بشعر فيه. وكان نهما لا يقصد فى مطاعمه؛ فلا يمسك درهما ولا دينارا؛ على كثرة ما يوصل ويحبى. واستمر على حاله هذه حتى مات.
وكان بليغا؛ كتب إليه رجل كتابا وأطاله، ولم يأت بطائل، فكتب إليه:
«خير من الإطالة السكوت؛ وفى القصد إلى الحاجة قطع لمسافة الإطالة».
[١] ترجمته فى إشارة التعيين الورقة ٢٩، وبغية الوعاة ٣١٤، وتلخيص ابن مكتوم ١٢٠، وطبقات الزبيدىّ ١٥٤ - ١٥٧، وطبقات ابن قاضى شهبة ١: ١٠٧ - ١٠٨. وكشف الظنون ١٠٢. وما ذكره المؤلف يوافق ما فى طبقات الزبيدىّ.