٩٤٣ - أبو القاسم بن أبى منصور النحوى الحلبى المعروف بابن الحبرانىّ «١»
واسمه سعيد، وكنيته أشهر. قرأ النّحو بحلب على أبى الرجاء بن حرب النحوىّ، وطالع وبحث، وحصل من العوامل على طرف جيد، وحفظ جزءا متوفّرا من الأبيات الشواهد على العربية، وحفظ شيئا من اللّغة، ورحل إلى دمشق، واجتمع بالتّاج زيد بن الحسن بن زيد الكندىّ، وحاضره وناظره، وسألته عنه، فقال:
ما أعجبنى نحوه، قال: ولقد سألته عن أشياء غلط في الجواب عنها- يعنى الكندىّ- قال: فقلت له: الأمر بخلاف ذلك، فكابر وتضجّر، وقال: من يقول غير هذا؟ فقلت: أبو الفتح بن جنّى، قد ذكره في كتاب «سر الصّناعة». فأخذ «سر الصناعة»، وطالعها فوجد القول ما قلته، فكان جوابه أن قال: فد كنت أظنّ أنّ ابن جنّى محقّق فيما يقوله إلى هذه الساعة، وقد فسد رأيى فيه.
وكان أبو القاسم هذا يذكر نسبه إلى أخى البحترى الشاعر من طيّئ، ووقفت عليه، فرأيت التلفيق بيّنا لطوله، وكان إذا لوجج في السؤال تضجّر وتشيّط لضيق عطنه، وربّما سئل عن المسألة، فسارع إلى الجواب ويخطئ، فإذا ردّ عليه الخطأ عزّ عليه واستوحش، وربما انقطع عن ذلك المجلس.
فمما جرى لى معه أنه قال يوما: الحلىّ نبت ويا بسه النّصىّ، فقلت له: الأمر بالعكس، وإنما هو النّصىّ [١] ويابسه الحلىّ، فكابر فأريته إيّاه في كتاب «النبات» لأبى حنيفة، فعزّ عليه غلطه ووجم، وانقطع عنّى مدّة.
[١] قال في اللسان: «النصى: ثبت معروف؛ يقال له نصىّ ما دام رطبا؛ فإذا ابيض فهو الطريقة؛ فإذا ضخم ويبس فهو الحلى».