وقال يوما: كنت في طريق، وتخلّف عنى من كان معى وأنا على الدابّة، وأقبل اثنان، فسّبنى أحدهما سبّا قبيحا، وأقبلت على الاستعاذة وبقى ما يشاء الله، ثم قال لى الآخر: دعه، وفي تلك الحال لحقنى من كان معى، فأخبرته بذلك، فطلبه يمينا وشمالا فلم يجد أحدا.
وكان رحمه الله يعذل أصحابه فى السرّ على أشياء لا يعلمها منهم إلا الله عزّ وجلّ، وكان يجلس إليه من لم يعرفه فلا يرتاب في أنّه مبصر، لأنه لذكائه لا يظهر منه ما يظهر من الأعمى في حركاته.
أخذ القراءات في الأندلس عن الشيخ الإمام الزاهد أبى الحسن بن هذيل، عن أبى داود، عن أبى عمرو الدّانى. وأخذها أيضا عن أبى عبد الله محمد ابن أبى العاص النقرىّ، وكتبا له بذلك له خطهما، وطوّلا في الذى كتباه تطويلا يدل علىّ الاعتناء به. فأما خطّ النقرى له فكان في شهر ربيع الآخر عام خمسة وخمسين وخمسمائة.
وله أشعار مأثورة عنه في ظاءات القرآن، وفي مواضع الصّرف، وفي نقط المصحف وخطّه، وفي أنواع من المواعظ رحمه الله.
مات في يوم الأحد بعد صلاة العصر، وهو اليوم الثامن من بعد العشرين من جمادى الآخرة، سنة تسعين وخمسمائة، ودفن يوم الاثنين في المقبرة المعروفة بسارية على جانب الخندق في تربة البيسانىّ، وصلّى عليه الشيخ أبو إسحاق المعروف بالعراقىّ إمام جامع مصر يومئذ.