التى صدّر بها كتبه؛ وأمّا النّظم فقلّما يعتاده، ولو أراده لكان ميسرا على لسانه إيراده، فمّما تعلّل به على اشتعال الرأس ووهن العظم؛ وكلال الخاطر عن تعاطى النثر والنظم، قوله الذى أنشدنيه لنفسه:
أبا قاسم خلّفت عمرك كله ... فلا تك مغترا بما ترجف المنى
فإن امرأ ناجى الثمانين عمره ... بعيد نجاة النفس من مخلب الفنا
فوطّن على التّرحال نفسك تائبا ... ولا ترج إلا مرقد اللحد موطنا
وقوله أيضا:
يقولون قد أنفقت عمرك كلّه ... على أدب لم تحظ منه بطائل
فقلت لهم إذ كان أنسى وزينتى ... وكان إلى الصّيد الكرام وسائلى
وميّزنى عن زمرة الجهل علمه ... فلست أبالى بالحطام المزايل
قلت: رأيت من تصنيفه: شرح ألفاظ عبد الرحمن الهمذانى، وهو فى غاية الجودة والإتقان؛ وقد كان رحمه الله فى النصف الأوّل من المائة الخامسة.
٧٨١ - مهلّب بن الحسن بن بركات أبو المحاسن البهنسىّ المصرىّ النحوىّ «١»
يدعى المهذّب من أهل البهنسا، إحدى كور مصر القبليّة، دخل مصر وقرأ النحو على جماعة؛ منهم أبو محمد بن برّى، وهو آخر شيوخه، وقرأ الفقه وتولى حكم بلده، وأقام به إلى أن دخل الغزّ البلاد، وزالت دولة العلويين، فتولى الأحكام رجل كردىّ يعرف بالصدر عبد الملك بن درباس المارانىّ؛ وكان حافظا، فصرف أكثر قضاة مصر، واستناب جماعة من الأكراد وغيرهم من الشاميين