الكندىّ قال: كنت إذا ذكرت مسألة سرد الكلام عليها من كتاب سيبويه، فتحقّقت أنه أحفظ النّاس للكتاب، قال: فحرجت معه إلى باب المغالطة لطلب المغالبة، فأدخلت عليه شكوكا وقعت لنحاة العراقيّين المتأخرين، فلمّا سمعها توقّف عن الإجابة، فحصل منه التقصير للحاضرين، وكان مقدورا، لأنه لا أنسة له بتلك الشكوك، ولا وردت على أهل المغرب في ذلك الحين.
وحجّ الخدبّ وعاد، وكان معه جارية له، فلمّا حصلت في المركب بالنّيل رأت فى المركب شابّا جنديا هويته، وسرقت من ابن طاهر مولاها جملة من دنانير، وسلّمتها إليه، فلما تحقق ذهاب المال زلّ عقله، وخلط في قوله، فتولّى معافاته المجد الخنثىّ رحمه الله ولا طفه، وتوصّل إلى تقرير الجارية، وطولبت فأقرّت بالجندىّ، واستعيد منه المال المسروق، ولما أحضر إليه، ورآه رجع إليه عقله، وأخذ المجد في تجهيزه إلى بلد المغرب، فسار ووصل إلى بجاية، وأقام بها ليتجهّز منها إلى بلاده، فمات هناك فيما بلغنى في حدود سنة سبعين وخمسمائة.
٩٧٤ - ابن العافية النحوىّ الأندلسىّ «١»
نحوىّ مشهور هناك، قد كان في المائة السادسة للهجرة النبويّة، وكان مشتهرا في تلك الجهات، أخذ عنه علماء ذلك الأوان، واستفادوا منه، وذكروا كلامه في مجامعهم ومصنّفاتهم، قال لى العلم النحوىّ أبو القاسم الرّقّى: رأيته ذكره فى مصنفات لبعض أهل المغرب، ولم أكن سمعت به، فسألت عنه الشرف ابن أبى الفضل المرسىّ- وهو أنبه من رأيت في معرفة رجال الأدب الأندلسىّ- فقال: كان إماما مشهورا مشكورا في وقته، وقد ورد ذكره في غير هذا الموضع عند إسمه الحقيقى.