[٢] وقد روى ياقوت عن ابن المعتز ما يلى: «كان الخليل منقطعا إلى الليث بن رافع بن نصر بن سيار، وكان الليث من أكتب الناس فى زمانه، بارع الأدب، بصيرا بالشعر والغريب والنحو، وكان كاتبا للبرامكة، وكانوا معجبين به؛ فارتحل إليه الخليل وعاشره، فوجده بحرا، فأغناه، وأحب الخليل أن يهدى إليه هدية تشبهه، فاجتهد الخليل فى تصنيف كتاب العين فصنفه له، وخصه به دون الناس، وحبره وأهداه إليه، فوقع منه موقعا عظيما، وسرّ به، وعوّضه عنه مائة ألف درهم واعتذر إليه، وأقبل الليث ينظر فيه ليلا ونهارا، لا يمل النظر فيه حتى حفظ نصفه- وكانت ابنة عمه تحته- فاشترى الليث جارية نفيسة بمال جليل، فبلغها ذلك، فغارت عليه غيرة شديدة، فقالت: والله لأغيظنه ولا أبقى غاية، ثم قالت: إن غظته فى المال، فذاك ما لا يبالى به، ولكننى أراه مكبا ليله ونهاره على هذا الدفتر، والله لأفجعنه به. فأخذت الكتاب وأضرمت نارا،-