للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٤٩ - محمد بن سليمان ابو موسى الحامض النحوىّ البغداذىّ «١»

صاحب أبى العباس أحمد بن يحيى ثعلب. كان بارعا فى اللغة والنحو على مذهب الكوفيين، وكان فى اللغة أبرع، وكان ضيّق العطن سيّئ الخلق. وتوفى سنة خمس وثلاثمائة. ودفن بمقبرة باب التبن ببغداذ، وأوصى بدفاتره لابن فاتك المعتضدى ضنّا بها أن تصير إلى أحد.

وذكر أن أبا إسحاق الزجاج دخل على أبى العباس أحمد بن يحيى ثعلب يعوده فى مرض له، فوجد عنده أبا موسى الحامض؛ فقال ثعلب للزجاج: قد بلغنى أن صاحبكم الخلدىّ [١]- يعنى المبرد- قد أملى كتابا فى النحو- يعنى المقتضب- وما أرى لسانه يطوع به. فقال له الزجاج: ما يشك أحد فى سعة علم أبى العباس المبرّد فى هذا النوع، ولا ينكر فصاحة لسانه وجميل بيانه. فقال أبو موسى الحامض:

فصاحبكم الأكبر- يعنى سيبويه- كان أغلف اللسان عييّا عن البيان؛ ذكر لى من أثق بقوله أنه سمعه بالبصرة يقول لجارية له: هاتى ذيك الماء من ذاك الحبّ [٢]، فآزر ثعلب قوله، وقال: قد رأيت فى كتابه مثل هذا- وذكر موضعا من كتابه يناسب ما حكاه الحامض أو يقاربه- واغتاظ أبو إسحاق الزجاج وقال:

أمّا نحن فلا نذكر حدود الفراء لأن خطأه فيها أكثر من أن يعد، ولكن استعملت الفصيح للمبتدىء، وهو عشرون ورقة، وقد أخطأت فى عشرة مواضع منه، وذكرها له ثم خرج من عنده. واشتهر ما دار بينهم فى مجالس أهل الطلب


[١] الخلدىّ، بضم أوّله وتسكين ثانيه: منسوب إلى الخلد، محلة ببغداد.
[٢] فى المزهر ومعجم الأدباء: «الجرة».

<<  <  ج: ص:  >  >>