للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يفعل. فأعرض عنى. ونقل المجلس إلى الرجل، فحضرنى واستخبرنى عما جرى، فذكرته وحملت الحال له، قال: بلغنى ما جرى على وجهه، والله يحسن جزاءك، وأنشدنى:

عثمان يعلم أنّ الحمد ذو ثمن ... لكنّه يشتهن حمدا بمجّان

والنّاس أكيس من أن يحمدوا أحدا ... حتى يروا عنده آثار إحسان

وانصرف من الكوفة، وكان آخر عهدى به.

٩٢٥ - إمرأة نحوية تعرف بابنة الكنيزىّ «١»

هذه امرأة نحويّة، وكانت في الجانب الشرقىّ ببغداد، وكانت نهاية في الفضل، ولها أخ غاية في الجهل، وكانت حسنة المعرفة بالنحو واللغة، ولها تصانيف صنّفتها تعرف بها.

قال ابن نصر الكاتب: ومن طرائف ما شاهدته، أنّها وأخاها اختصما فى ميراث والدهما، فطال التّنازع بينهما، وحضرا يوما مجلس والدى، وزاد الكلام بينهما ونقص، واغتاظ من توسّع كلامهما، ففطنت لذلك، فقالت: أغاظ الشيخ أيده الله ما يراه منى ومن هذا الأخ أصلحه الله! فقال: كلّا، إن شاء الله، ولكن جرّدى الدعوى، فإنه أقرب للإيجاز [١]. فقالت: أيد الله الشيخ، لى في ذمّته اثنان وعشرون دينارا مطيعيّة سلاميّة، فقال له: ما الّذى تقول؟ فقال: أمالها [عندى [٢]] اثنان. وسكت، ورام إن يقول مثل ما قالت فلم يقدر، فقال: بالله يا سيدى، كيف قالت، فقد والله صدّعتنا، فقال له: فضولك، قل كما تحسن.

وضحك أهل المجلس، وصار طنزا [٣]، واندفعت الخصومة ذلك اليوم.


[١] بغية الوعاة: «للإنجاز».
[٢] من بغية الوعاة ويأقوت.
[٣] الطنز: السخرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>