وكان إذا أحرم للصّلاة كسر الهمزة من «أكبر» فسألته عن ذلك، فأنكر كسرها، فقلت له: قلها، فقالها بكسر الهمزة، وشهده جماعة عندى يقول ذلك، فاجتهدنا به أن يقولها مفتوحة، فما تطوّع لسانه بها، فاعتددنا ذلك من النّوادر، وكونه لا يفهم أنّه ينطق بها مكسورة، وهو يظنها مفتوحة.
وكان شديد الطّلب للدنيا، يدخل في دنيّات الأمور، ويعامل المعاملات المخالفة للشريعة، ويحتمل من ضيق العيش في المأكل والمشرب والملبس ما لا يوجد من مثله، إلى أن حصّل جملة من الدنيا، ما انتفع بها، وخلّفها لولده. ولقد شاهدته فى الأيام شديدة البرد، وهو رقيق الملبوس، يقاسى من ألم البرد ما يظهر أثره عليه.
وعدته مرّة في مرضه، فرأيت منزله على جودة بنيانه، وهو في غاية من الزّراية في المفرش والملبس. ورأيته في أوّل أمره وهو على خلاف كلّ هذا، فإنّنى شاهدته عند ورودى حلب في سنة ثمان وتسعين، وهو حسن البزّة والمخدوم والمركوب. ثم نسخ الله ذلك بما ذكرته، بعد مدّة ليست بالطّويلة.
وتصدّر بجامع حلب برزق قرّر له من وقف الجامع لإقراء القرآن والعربيّة.
وكان بخيلا بما عنده من ذلك، يصارف فيما يذكره وفي أوقات حضوره، فما استفاد منه أحد، ولا ظهر له تلميذ معروف، ولم يزل على جدّه في الكدّ، وتعرّضه للطلب من أكابر النّاس بحلب لغير حاجة، إلى أن ذهب لسبيله بالوفاة في يوم الاثنين لثمان خلون من رجب سنة ثمان وعشرين وستمائة.