للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان له شعر أردأ من شعر النحاة، فيه تكلّف وجسأة [١] وتصنّع يذهب روق النظم، يمتدح به لطلب الازدياد.

وكان إذا تلا القرآن تلاه بصوت غير شج، ويتصنّع الحروف من مخارجها، فيزيد في ذلك على الواجب، ويرفع به صوته، غير أنه كان شديد الاجتهاد فى طلب الفوائد من صفحات الصحف، فلازم المطالعة ليلا ونهارا، وتلزّم الحفظ لبعض ما يمرّ به في أثناء ذلك.

ولقد حكى لى الشريف أبو هاشم بن أبى حامد بن أبى جعفر الهاشمىّ الحلبىّ صديقى رحمه الله، قال: أخبرنى جار له، قال: رأيت ابن الحبرانىّ النحوىّ في زمن الصيف، يقوم في الليل الأخير في سطحه، ويقد سراجا في موضع خال من الهواء، ويقعد للمطالعة وقتا طويلا دائما في كلّ ليلة، لا يشغله الحرّ ولا القرّ عن المطالعة والاستفادة.

فأمّا شعره فإننى وجدت قصيدة له، وقد ألحقتها بهذا الموضع، وقد ترجم عليها «خدمة المملوك ابن الحبرانى النحوىّ»، وهى:

ليهنك النّصر والتأييد والظّفر ... الله واقيك، لا التحصين والخدر

إن العدا أضمروا كيدا تكاد له السّ ... بع السموات والأفلاك تنفطر

فردّه الله ردّا في نحورهم ... فليتهم قبل أن همّوا به نحروا

فكم أرادوا به مكرا فما بلغوا ... قدما، وكم أضمروا سوءا فما قدروا

لطف من الله بالإسلام سلّمه ... ونعمة لا يؤدّى شكرها البشر

قضى الله أن يلقوا منّيتهم ... فلا يرى لهم عين ولا أثر


[١] الجسأة: الغلظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>