للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنت أطلب مسألة قد اختلّت علىّ، فاشتغل قلبى فقلت للخادم: خذها وامض بها إلى النخّاس فليس قدرها أن تشغل قلبى عن علمى، فأخذها الغلام. فقالت:

دعنى أكلّمه بحرفين، فقالت: أنت رجل لك عقل، وإذا أخرجتنى ولم تبيّن [١] لى ذنبى لم آمن أن يظن الناس بى ظنا قبيحا. فعرّفنيه قبل أن تخرجنى، فقلت لها: ما لك عندى عيب غير أنك شغلتنى عن علمى، فقالت: هذا أسهل عندى.

قال: فبلغ الراضى بالله أمره فقال: لا ينبغى أن يكون العلم فى قلب أحد أحلى منه فى صدر هذا الرجل.

ولما وقع فى علّة الموت أكل [كلّ] [٢] شىء يشتهى وقال: هى علّة الموت.

قال أبو بكر بن محمد بن أحمد بن عبد الله النحوىّ المؤدّب: حدّثنى أبى قال:

سمعت أبا بكر بن الأنبارىّ يقول: دخلت المارستان بباب المحوّل، فسمعت صوت رجل فى بعض البيوت يقرأ: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ

[٣] فقال: أنا لا أقف إلا على قوله: كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ

، فأقف على ما عرفه القوم وأقرّوا به؛ لأنهم لم يكونوا يقرّون بإعادة الخلق، وأبتدئ بقوله:

ثُمَّ يُعِيدُهُ

فيكون خبرا. وأما ما قرأه على بن أبى طالب: واذكر بعد أمة [٤] فهو وجه حسن؛ لأن الأمّة النسيان. وأما أبو بكر بن مجاهد فهو إمام فى القراءة، وأما ما قرأه الأحمق- يعنى ابن شنبوذ [٥]: إن تعذّبهم فإنّهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنّك أنت الغفور الرّحيم [٦]


[١] فى تاريخ بغداد «تعين».
[٢] تكملة من ب.
[٣] سورة العنكبوت آية ١٩.
[٤] سورة يوسف آية ٤٥.
[٥] هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، شيخ الإقراء بالعراق توفى سنة ٣٢٨. طبقات القراء (٢: ٥٤).
[٦] سورة المائدة آية ١١٨. والقراءة الصحيحة: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
، وانظر توجيه هذه القراءة فى تفسير القرطبى (٦: ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>