الكلمة، وأكثر منها حتى نبز بها. وكان له القدر النبيل، والحظ الوافر فى العربية وعلم الأدب، مع التّصاون والنزاهة وحسن السّمت، وكان واسع العلم، ولقد حضر عند ابن أبى عبدة، وهو الجليل المنزلة فى الدولة، فأكرمه إكراما كبيرا، وكان بين يديه سيف، فقال له: يا سيّدى يا أبا الحكم، إن ذكرت فى هذا السيف ما ذكرته العرب من أسرار أجزائه، من رأسه إلى أسفله فهو لك، فمدّ منذر يده إليه، وأخذه والخجل باد على وجهه، وبدأ يذكر قائمه، وما قالته العرب فيه، ثم بما يلى ذلك، إلى أن انتهى، وتركه بين يدى ابن أبى عبدة، فعجب وعجب الحاضرون من سعة علمه، وكثرة حفظه، وأمر به ابن أبى عبدة أن يخرج إلى غلامه، فاستعفاه من ذلك، فأبى إلا إخراجه فأخرج، ودعا بإحضار سيف آخر فركب به.
وسأل المنذر يوما محمد بن مبشر الوزير: كيف تأمر المرأة بالنّون الثقيلة، من «غزا يغزو»؟ فأجال ابن مبشّر فيها فكره، فلم يتجه له جوابها، فقال له:
يا أبا الحكم، ما رأيت أشنع من مسألتك، الله يأمرها أن تقرّ فى بيتها، وأنت تأمرها بالغزو! ولأبى الحكم المنذر هذا شعر حسن؛ يدل عليه هجاؤه لأبى محمد بن عبد الجبار الذى استولى على الأندلس، وكونه خلّصه من نصف النسب، وقدح فيه بنصفه، وهو قوله: