للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخطّه مرغوب فيه، يتنافس الناس فى تحصيله والمغالاة له، وكان إماما للإمام المقتفى [١] يصلّى به، وجرت له مع ابن التلميذ [٢] الطبيب حكاية عنده، وهو أنه لما حضر للإمامة بالمقتفى، ودخل عليه أوّل دخلة، فما زاده أن قال: السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال له ابن التلميذ- وكان قائما وله إدلال الصحبة والخدمة بالدار- ما هكذا يسلّم على أمير المؤمنين يا شيخ! فلم يقبل ابن الجواليقىّ عليه وقال للمقتفى: يا أمير المؤمنين، سلامى هذا هو ما جاءت به السنة النبوية، وأسند له خبرا فى صورة السّلام، ثم قال: يا أمير المؤمنين، لو حلف حالف أنّ نصرانيا أو يهوديا لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه لما لزمه كفارة الحنث، لأنّ الله ختم على قلوبهم، ولن يفكّ ختم الله إلا الإيمان؛ فقال له: صدقت وأحسنت فيما فعلت، وكأنما ألجم ابن التلميذ حجرا، مع أنه كان ذا فضل ومشاركة.

وسمع ابن الجواليقىّ من شيوخ زمانه وأكثر، وأخذ الناس عنه علما جما.

وكان مولده فى سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفّى رحمه الله يوم الأحد الخامس عشر من المحرّم سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، ودفن من يومه بباب حرب، وصلّى عليه قاضى القضاة الزينبى بجامع القصر.

قال أبو محمد إسماعيل بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقىّ [٣]،- وكان أنبه أولاد أبيه-: كنت فى حلقة والدى أبى منصور موهوب بن أحمد


[١] المقتفى لأمر الله الخليفة العباسىّ؛ واسمه محمد بن المستظهر بالله أحمد بن عبد الله، كان عالما فاضلا دينا حليما شجاعا، ولى الخلافة سنة ٥٣٠، وتوفى سنة ٥٥٥؛ (الفخرى ص ٢٧٠).
[٢] هو أبو الحسن هبة الله بن أبى الغنائم بن التلميذ الطبيب صاعد، المعروف بابن التلميذ النصرانىّ الطبيب؛ توفى سنة ٥٦٠؛ (وانظر ترجمته فى ابن خلكان ٢: ١٩٢ - ١٩٤).
[٣] تقدمت ترجمته للمؤلف فى الجزء الأوّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>