للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الحسن عن على بن أبى طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أيّما رجل تزوّج إمرأة لدينها وجمالها كان فى ذلك سداد من عوز». قال: وكان المأمون متكئا، فاستوى جالسا، ثم قال: يا نضر، كيف قال هشيم: «سداد»، ولم يقل «سداد»، وما الفرق بينهما؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، السّداد: القصد فى الدين والسبيل، والسّداد، بالكسر: من الثغر والثّلمة، وكلّ ما سددت به شيئا فهو سداد؛ قال: وتعرف ذلك العرب؟ قلت: نعم، قال الشاعر، وهو العرجىّ [١]:

أضاعونى وأىّ فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر [٢]

فقال: قبّح الله الّلحن! قلت: يا أمير المؤمنين، إنّما لحن هشيم، وهو لحّانة، فاتبع أمير المؤمنين لفظه، وقد تتبع أخبار الفقهاء، ثم قال لى: ما مالك يا نضر؟

قلت: فريضة [لى بمرو [٣]] أتمزّزها؛ قال: أفلا أفيدك إلى مالك مالا؟ قلت:

إنى لذلك لمحتاج؛ فتناول الدواة والقرطاس، وكتب شيئا، ثم قال لى: يا نضر؛ كيف تقول إذا أمرت أن تترب كتابا؟ قال: قلت: أتربه، قال: فهو ماذا؟

قلت: مترب، قال: فمن الطين؟ قلت: طنه، قال: فهو ماذا؟ قلت: مطين، قال: فمن السّحاءة؟ قال: قلت: اسحه، قال: فهو ماذا؟ قلت مسحىّ ومسحوّ، قال: يا غلام، أتربه وطنه، ثم صلّى بنا العشاء وقال لخادمه: تبلغ معه، وأمر بختمه، وسيّرنى مع رسوله إلى الفضل [٤] بن سهل، فدخلت عليه، فتناول الورقة


[١] هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان؛ وسمى بالعرجىّ؛ لأنه ولد بالعرج؛ وهى قرية فى واد من نواحى الطائف، وهو شاعر مطبوع فى النسيب، أشعر شعراء بنى أمية؛ (وانظر ترجمته وأخباره فى الأغانى ١: ١٤٧ - ١٦٠).
[٢] بعده:
كأنى لم أكن فيهم وسيطا ... ولم تك نسبتى فى آل عمرو
[٣] تكملة من طبقات الزبيدى.
[٤] هو الفضل بن سهل السرخسىّ؛ استوزره المأمون؛ وكان له مشاركة فى التنجيم؛ ويميل إلى التشيع؛ مات مقتولا سنة ٢٠٣؛ (ابن خلكان ١: ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>