للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يصنع الضيف عندنا؟ ثم دخل إلى أهله فقال: أين طعامى؟ قالت: أطعمته للضيف، فقال: أتطعمين طعامى الأضياف! فتجار يا الكلام؛ فرفع عصاه فضرب بها رأسها فشجّها. فجعلت أضحك، فخرج إلىّ فقال: ما يضحكك! فقلت: خير، فقال: لتخبرنّى، فأخبرته بقضية المرأة والرجل اللّذين نزلت عليهما قبله، فأقبل علىّ وقال: إن هذه التى عندى أخت ذلك الرجل، وتلك التى عنده أختى؛ فبتّ متعجبا وانصرفت.

وحضر أبو نواس إلى الهيثم بن عدىّ الطائىّ وسأله عن مسألة، فتقاعد عن جوابه، فقام عنه مغضبا؛ فقيل للهيثم: هذا أبو نوّاس؛ وقد تعرّضت للسانه فسيّر إليه من يترضاه ويسأله الإمساك عن هجوه؛ فقال: أما ما مضى فلا سبيل إلى استعادته؛ وكان الذى قاله فيه عند قيامه عنه:

يا هيثم بن عدىّ لست للعرب ... ولست من طيّىء إلا على شغب [١]

إذا نسبت عديا من بنى ثعل ... فقدّم الدّال قبل العين فى النّسب

وقال أيضا:

أتيت الهيثم بن عدىّ أرجو ال ... علوم، وكنت أمنحه الصفاء [٢]

فأعرض هيثم لمّا رآنى ... كأنى قد ذممت الأدعياء

فقلت له اطمئن فلست أهجو ... دعيا ما توضحت السماء [٣]

قال الهيثم بن عدىّ: استعملت على صدقات بنى فزارة، فجاءنى رجل منهم، فقال: أريك عجبا! فقلت: بلى؛ فانطلق بى إلى جبل شاهق؛ فإذا فيه صدع، فقال لى: ادخل، فقلت: إنما يدخل الدليل، قال: فدخل فاتبعته؛ ودخل


[١] ديوانه ١٧٥
[٢] مع اختلاف فى الرواية.
[٣] رواية الديوان:
وقد آليت أن أهجو دعيا ... ولو بلغت مروءته السماء

<<  <  ج: ص:  >  >>