للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجاحظ: دخلت إلى بغداد حين قدمها المأمون سنة أربع ومائتين، وكان بها الفرّاء؛ فاشتهى أن يتعلّم الكلام، ولم يكن له طبع فيه [١].

وحكى سلمة عن الفرّاء، قال: كنت أنا وبشر المرّيسىّ [٢] فى بيت واحد عشرين سنة، ما تعلّم منّى شيئا ولا تعلّمت منه شيئا.

وقال سلمة: طال [٣] تعجّبى كيف كان يحيى يعظّم الكسائىّ، وهو أعلم بالنحو [منه [٤]].

قال الجاحظ: قدمت بغداد قدمة، ولم يكن معى شىء أهديه إلى محمد ابن عبد الملك الزّيات [٥]، فلمّا خرجت من السفينة سمعت مناديا ينادى: من أراد أن يحضر بيع كتب الفرّاء فليحضر، فقلت: لأذهبنّ، لعلّى أن اشترى كتابا فأهديه إليه، فحضرت فلم أجد فى كتبه شيئا أستحسنه [٦]، فلمّا بيعت كتبه رفع فراشه الّذى كان ينام عليه ليباع، وجد تحت وسادته «كتاب سيبويه»، فنودى عليه، فبالغت فيه، واشتريته وأهديته إلى محمد بن عبد الملك الزيات، فسّربه، وقال: شهد الكتاب عندى على مقدار سيبويه، ودلّني على فضله الفرّاء إذ نظر فيه، ولم يعلم محمّد أن الفرّآء لم ينتفع بالنّظر فى هذا الكتاب كبير نفع،


[١] ابن خلكان ٢: ٢٢٩.
[٢] المرّيسىّ؛ بفتح الميم وكسر الراء المشدّدة: منسوب إلى مريس، قرية بصعيد مصر. وانظر ترجمته فى حواشى الجزء الأول ١: ٢٥٣.
[٣] فى الأصل: «قال»، والصواب ما أثبته من ب.
[٤] زيادة يقتضيها السياق.
[٥] تقدمت ترجمته فى حواش الجزء الثالث ص ٧٠.
[٦] ب: «استحسنته».

<<  <  ج: ص:  >  >>