للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع ... ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو

سكرت فأبدت منّى الكأس بعض ما ... كرهت، وما إن يستوى السّكر والصّحو

ولا سيما إذ كنت عند خليفة ... وفي مجلس ما إن يجوز به اللّغو

فإن تعف عنى تلف خطوى واسعا ... وإلّا يكن عفو، فقد قصّر الخطو

وقال الأصمعىّ: سمعت اليزيدىّ يقول: كنت أؤدب المأمون وهو في حجر سعيد الجوهرىّ، فتأخّر يوما عن الخروج إلى محلّة التعليم، فشكوته إلى سعيد الجوهرىّ، فقال لى: أقمه إذا اعوجّ، فأحضرته وضربته فبكى. واستؤذن عليه لجعفر بن يحيى ابن برمك، فقام إلى فراشه فجلس عليه، ومسح عينيه، ودخل جعفر فأخليت لهما المجلس، وخشيت أن يشكونى إليه، فألقى منه مالا أريده، فلمّا خرج دخلت عليه، فقال: ما الذى حملك على الخروج؟ فذكرت له ذلك، فقال: أعوذ بالله من ظنّك! هذا الأمر الذى جرى ما أعلم به الرشيد، فكيف جعفر! وكيف يحسن بى أن أقول: إننى فعلت أمرا أحتاج فيه إلى التأديب! لا وأخذك الله بظنك! قال اليزيدىّ: فأمسكت، وكنت أهابه بعد ذلك [١].

ولليزيدىّ أشعار كثيرة في الرّشيد والمأمون وغيرهما، قال ولده: واختلفنا عند موته ألّا نخرج شيئا من شعره إلّا ما كان في المواعظ [٢].


[١] الخبر في طبقات الزبيدىّ ٧٣ مع اختلاف في الرواية.
[٢] نقله الزبيدىّ في الطبقات ٦٤: عن ابنه إسماعيل؛ والعبارة هناك: «وكان لأبى شعر كثير فى الرشيد وجعفر بن يحيى وغيرهما؛ فلما حضره الموت أخذ علينا إلا نخرج غير المواعظ».

<<  <  ج: ص:  >  >>