للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن سلّام: قدم الكسائىّ البصرة على الرّشيد، فجلس إلى يونس فى حلقته، فألقى عليه بعض من حضر في المجلس بيت الفرزدق:

غداة أحلّت لابن أصرم طعنة ... حصين عبيطات السّدائف والخمر [١].

وأنشده هكذا، فقيل للكسائىّ: على أى شىء رفعت «الخمر»؟ فقال: أضمرت فعلا، كأنه: «وحلّت له الخمر»، فقال يونس: ما أحسن والله ما وجّهته.

غير أنى سمعت الفرزدق ينشد:

غداة أحلّت لابن أصرم ضربة ... حصين عبيطات السّدائف والخمر [١].

جعل الفاعل مفعولا، كما قال الحطيئة:

فلما خشيت الهون والعير ممسك ... على رغمه ما أمسك الحبل حافره [٢].

والقصيدة على الرفع، جعل الفاعل مفعولا، فقال الكسائىّ: هذا على هذا وجه.


[١] ديوانه ٣١٧. وفي شواهد العينى ١٥٦: «هو من قصيدة يذكر فيها حصبن بن أصرم وقد قتل له قريب، فحرم على نفسه شرب الخمر وأكل اللحم العبيط حتى يقتل قاتله، فلما طعنه وقتله أحلت له تلك الطعنة شرب الخمر وأكل اللحم العبيط. غداة، نصب على الظرفية وأضيف إلى الجملة. وطعنة فاعل «أحلت»، وحصين بالجر عطف بيان لابن أصرم. وعبيطات السدائف، كلام إضافى مفعول «أحلت»، وهو جمع عبيط، اللحم الطرى. والسدائف: جمع سديف وهو شحم السنام وغيره مما غلب عليه السمن». والشاهد في قوله: «والخمر» بالرفع، حيث حذف منه الفعل، تقديره: وحلت له الخمر.
وانظر الجزء الثانى من إنباه الرواة ٢: ٢٦٥.
[٢] ديوانه ١٠؛ قال السكرى في شرحه: ما دام الحمار مقيدا فهو ذليل معترف بالهوان؛ وهو مقلوب. أراد ما أثبت الحبل حاقره، فقلب فجعل الفاعل مفعولا والمفعول فاعلا».

<<  <  ج: ص:  >  >>