للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى مائدة [١] له يوما. فلما أخذ في الأكل مدّ يده إلى بضعه لحم [٢]، فانتهشتها ثم ردّها إلى القصعة. فكان بعد ذلك اذا حضر مائدته أمر بان يهيّأ له طبق ليأكل وحده.

ودعاه يوما المهلّبىّ [٣] الوزير إلى طعامه، فبينا هو يأكل معه إذ امتخط في منديل الغمر [٤] وبصق فيه، ثم أخذ زيتونة من قصعة فغمزها بعنف حتى طفرت نواتها، فأصابت وجه الوزير، فتعجّب من سوء أدبه [٥]، واحتمله لأدبه.

وفي شره أبى رياش يقول ابن لنكك [٦]:

يطير إلى الطعام أبو رياش ... مبادرة ولو واراه قبر

أصابعه من الحلواء صفر ... ولكنّ الأخادع منه حمر

وكان أبو رياش يردّ على أبى نواس الحسن بن هانئ وأبى تمام، يقول عنهما: أفسدا الشّعر، ولمّا بلغ ذلك ابن لنكك قال:


[١] اليتيمة: «إلى مائدته».
[٢] البضعة بالفتح، وتكسر: القطعة من اللحم.
[٣] هو الحسن بن محمد المعروف بالوزير المهلبى، من ولد المهلب من أبى صفرة، كان من كبار الوزراء الكتاب الأدباء الشعراء. وزر لمعز الدولة بن بويه، وكانت الخلافة للمطبع العباسى، فقربه المطيع أيضا واستوزره، واجتمعت له وزارة الخليفة ووزارة السلطان، ولقب بذى الوزارتين. توفى بواسط سنة ٣٥٢. ابن خلكان ١: ١٤٢.
[٤] الغمر، بالتحريك: السهك وريح اللحم وما يعلق باليد من دسمه، ومنه منديل الغمر، ويقال له المشوش.
[٥] كذا في اليتيمة وهو الوجه، وفي الأصلين: «لأدبه».
[٦] هو محمد بن محمد بن جعفر البصرى الصاحب المعروف بابن لتكك. وصفه صاحب اليتيمة بأنه فرد البصرة وصدر أدبائها. وأكثر شعره ملح وطرف، وكان معاصرا للمتنبى، وهجاه. توفى سنة ٣٦٠ ومعجم الأدباء ١٧: ٧٧ - ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>