للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا قول القتيبىّ، وهو غير صحيح، والصّحيح ما ذكره أبو عبيدة، قال:

خرج أبو عمر بن العلاء إلى دمشق إلى عبد الوهاب بن إبراهيم يجتديه، ثم رجع فمات بالكوفة، فصلّى عليه محمّد بن سليمان، وهو أمير الكوفة يومئذ، وكان يغشى عليه ويفيق، فإذا ابنه بشر يبكى، فيقول: ما يبكيك وقد أتت علىّ أربع وثمانون سنة! وقيل: توفّى سنة تسع وخمسين ومائة.

وقبر أبى عمرو بالكوفة مكتوب عليه: «هذا قبر أبى عمرو بن العلاء مولى بنى حنيفة».

ولولا أنّنى وقفت عند قول أبى عمرو بن العلاء: «الحقّ نتف، ويكره الإكثار فى كلّ باب، وأحسن الأشياء أن يقصد إيجاز الكلام»؛ لأطلت في أخباره، وأكثرت من إيراد آثاره، رحمه الله ورضى عنه وأرضاه! وجاء عيسى [١] بن عمر الثّقفىّ إلى أبى عمرو بن العلاء، فقال له: يا أبا عمرو، ما شىء بلغنى أنّك تجيزه؟ قال: وما هو؟ قال: بلغنى أنّك تجيز: «ليس الطيب إلّا المسك» بالرفع، فقال أبو عمرو: نمت يا أبا عمر، وأدلج الناس [٢]! ليس فى الأرض حجازىّ إلا وهو ينصب، ولا في الأرض تميمىّ إلّا [٣] وهو يرفع. قال


[١] الخبر بروايته عن أبى محمد اليزيدى في طبقات الزبيدىّ ٣٨، ومجالس العلماء ١ - ٤، وأمالى القالى ٣: ٣٩، والأشباه والنظائر للسيوطىّ ٣: ٢٣، ١٦٥. وانظر المعرب للجوالبقى ٩، ٢١٠.
[٢] الإدلاج: السير آخر الليل.
[٣] الزبيدىّ: «وليس في الأرض تميمىّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>