ولا قائلا «زوذا» لأعجل صاحبى ... و «بستان» فى صدرى علىّ كبير
ولا تاركا لحنى لأحسن لحنكم ... ولو دار صرف الدّهر حيث يدور
قال اليزيدىّ: فكتبنا هذه الأبيات، وأتينا المنتجع، فأتينا رجلا يعقل، فقال له خلف: كيف تقول: «ليس الطيّب إلا المسك»؟ فقالها ورفع، فلقّنّاه النّصب، وجهدنا به في ذلك، فلم ينصب، وأبى إلّا الرّفع، قال: فأتينا أبا عمرو، فأعلمناه وعنده عيسى بن عمر لم يبرح، قال: فأخرج عيسى خاتمه من يده فقال: لك الخاتم، بهذا والله فقت الناس.
وسأل أبو عمرو بن العلاء أبا حنيفة النّعمان بن ثابت، عن رجل ضرب رأس آخر بصخرة عظيمة، لا ينجو منها من ضرب بها، فقال: لا قود عليه، ولو ضرب رأسه ب «أبا قبيس» فقال له أبو عمرو: هذا كلام بشع، فقال أبو حنيفة:
وما بشع؟ فقال أبو عمرو: ولا تعرف البشع أيضا! قلت: وهذا ليس يقدح في الإمام أبى حنيفة رضى الله عنه، فإن الفرقة النازلة بالكوفة من العرب كانوا لا يظهرون الإعراب فى تثنية مثل هذا، ومنه قول الشاعر:
إنّ أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها [١].
وأما قوله:«بشع» فليست باللّغة المستعملة الشائعة في ذلك الوقت، ولا ممّا سار على ألسن أهل المدر نقلا عن أهل الوبر، وإن نقلها أبو عمرو بن العلاء
[١] البيت من شراهد ابن عقيل شارح الألفية، ونسبه العينى والمرتضى الزبيدىّ في شرح القاموس إلى أبى النجم العجلى، ونسبه الجوهرى إلى رؤبة بن العجاج.