للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا، ولا يحرث ولا يحصد، ويضمن له القيام بمعيشته، حتى زوّجهنّ كلّهنّ على ذلك، فكثر عياله، وساء حاله لقيامه ببناته وأزواجهنّ، ولم يزل على هذه الحال إلى أن مات.

قال بعض الرواة [١]: أتانى يوما فسألته عن حاله، فجعل يحدّثنى وكأنّه مشغول القلب، فقلت له: ما بالك؟ فقال: ابنى تميم جاء معى، فقلت: يدخل- وأمرت الغلام بإدخاله فلم يجده- فتبسّم وقال: أنفس بنى تميم! لمّا دخلت وتركته غضب.

وكان الدارونىّ شاعرا مجوّدا كثير الشّعر جيّد الطّبع، مقتدرا على المعانى.

وأملق أبو عبد الله الدارونىّ [٢] يوما، فكتب إلى أبى جعفر المروزىّ، وكان يخدم الشّيعة:

كتمت إعسارى وأخفيته ... خوفا بأن أشكو إلى معسر

وأن يقول النّاس إنّى فتى ... لم أصن العرض ولم أصبر

فإن تكن في حاجة شاكيا ... فاشك إلى مثل أبى جعفر

فهو لما أمّلته أهله ... وما أراه اليوم بالموسر

فأجابه وقال:

أفضل ما يذكره ذاكر ... إغاثة المحتاج والمقتر

لا سيما شكوى حسين لما ... مضّ به قلب أبى جعفر

فلو حباه كلّ ما يحتوى ... لم يك في ذلك بالمكثر

لكنّه صادف أحواله ... منظرها يشهد بالمخبر

فوجّه التّافه من قوته ... نزرا، ولو أكثر لم يكثر


[١] فى طبقات الزبيدىّ: «قال أبو علىّ».
[٢] الزبيدىّ: «وحدثنى أبو إسحاق القرشى المعروف بالقدرى، وكان كثير الملازمة للدارونى».

<<  <  ج: ص:  >  >>