للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا ضجر من المقام بحلب لبله الطالب وقلّة الطلب، رحل إلى مدينة دمشق وأقام بها، وتصدّر هناك لإقراء للنّحو والعربية، وسلّمت إليه خزانة الكتب بالجامع فتولّاها، وأحسن الولاية فيها، وأقام بالمدرسة العزيزية للاشتغال بالفقه.

وهو أنبه من رأيته، وأحضر ذهنا، وحاله مستمرّ إلى حين تسطير هذه التّرجمة فى شعبان سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، أمتعه الله بالحياة، وأمتع منه الفوائد.

وسألته عن موجب رحلته، فقال: أكبر الأسباب فيها توديع من أعرفه، فإنّ الأجل قريب، وسألته عمّا استفاده بعدى من العلوم، فقال: حللت «إقليدس» وبعض المتوسّطات، وشرعت في «المجسطىّ» وما يتعلّق به، وفي حل الزّيج.

وذكر أنّه حصل في النحو فوائد مغربيّة، قدم بها رجل من أصحاب أبى علىّ عمر الشّلوبين، ومات بدمشق رحمه الله، وأبيعت في تركته. وذكر أنّه ألحق منها شيئا بالشرحين الّلذين له، وهو «شرح الجزولية» و «شرح المفصّل»، ووعدنى عند عوده بإضافة ما صنّفه من ذلك إلى الشرحين المتقدّمين له عندى.

وذكر أنه حصّل الشرح المستوفى للجزولية من تصنيف عمر الشّلوبينىّ، وأن رجلا مغربيّا أحضره إليه، وكان ضنينا به، وطلب منه في حالة ذلك أن يقرئه كتاب «الملخّص» لابن الخطيب الرّازىّ المعروف بالفخر، فبهذا الطريق حصل انتساخها منه بعد منعه لها. وفارقنى من حلب متوجّها إلى بغداد في يوم الخميس العشرين من شعبان سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، قدّر الله له السلامة والعافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>