الهبير [١]، والله أعلم- وأقام في أسرهم مدّة يرعى الإبل، ثم تخلّص ودخل بغداد، وقد استفاد من الألفاظ الغربية ما شوّقه إلى استيفائها، وحضر مجالس أهل العربية.
قال الخطيب أحمد بن علىّ بن ثابت: أخبرنى أبوذرّ الهروىّ، قال: أخبرنى الأزهرىّ، قال: دخلت على أبى بكر محمد بن دريد داره ببغداد، لآخذ عنه شيئا من اللغة، فوجدته سكران، فما عدت إليه.
ثم رجع أبو منصور رحمه الله إلى هراة، واشتغل بالفقه على مذهب الشّافعىّ. وأخذ اللغة عن مشايخ بلده، ولازم المنذرىّ الهروىّ اللّغوىّ، وأخذ عنه كثيرا من هذا الشأن، وشرع في تصنيف كتابه المسمى ب «تهذيب اللغة» وأعانه في جمعه كثرة ما صنّف بخراسان من هذا الشأن في ذلك الوقت وقبله بيسير، كتصنيف أبى تراب وأبى الأزهر، وغيرهما ممّا اعتمده الجمع الكثير.
وكان رحمه الله مع الرواية، كثير الأخذ من الصّحف، وعاب هذه العلة على غيره في مقدّمة كتابه، ووقع فيها، والدّليل على ذلك أنه لمّا ذكر أبا عمرو الشيبانىّ في مقدمة كتابه، قال: هو إسحاق بن مراد، فصحّف «مرادا»، وإنما هو «مرار» بإجماع نقلة العلم، ولم يذكر له إلا كتاب «النوادر»، وذكر رجلا آخر إسمه أبو عمرو الهروىّ، ونسب إليه كتاب «الجيم» وإنما الجيم لأبى عمرو إسحاق بن مرار، وهو كتاب مشهور.
ثم قال: إن أبا عمرو سمّاه الجيم، وبدأ فيه بحرف الجيم، وهذا غلط فاحش وإنما بدأ فيه بالألف على ترتيب حروف المعجم، وسمّاه بالجيم لسرّ خفىّ تشهد
[١] الهبير: رمل زرود في طريق مكة، كانت عنده وقعة ابن أبى سعد الجنابى القرطبى بالحاج لاثنتى عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة ٣١٢، قتلهم وسباهم وأخذ أموالهم. ياقوت.