قال البشتىّ: ليس هذا من القعود التى يقتعدها الراعى، فيركبها ويحمل عليها زاده وأداته، وإنما هو صفة للبكر إذا بلغ الإثناء.
قلت: أخطأ البشتىّ فى حكايته كلام ابن السّكّيت، ثم أخطأ فيما فسره من كيسه «١» فى قوله إنه غير القعود التى يقتعدها الراعى من وجهين آخرين؛ فأما يعقوب بن السّكّيت فإنه قال: يقال لابن المخاض حتى يبلغ أن يكون ثنيّا قعود وبكر، وهو من الذكور كالقلوص من الإناث. فجعل البشتىّ «حتى»«حين»، ومعنى حتى إلى، وهو انتهاء الغاية، وأحد الخطأين من البشتىّ فيما قال كيسه تأنيثه القعود [ولا يكون القعود «٢»] عند العرب إلا ذكرا، والثانى أنه لا قعود فى الإبل تعرفه العرب غير ما فسّره ابن السّكّيت. ورأيت العرب تجعل [القعود «٣»] البكر من الإبل حين يركب، أى يمكّن ظهره من الركوب، وأقرب ذلك أن يستكمل سنتين إلى أن يثنى، فإذا أثنى سمّى جملا. والبكر والبكرة بمنزلة الغلام والجارية اللّذين لم يدركا، ولا تكون البكرة قعودا.
وقال ابن الأعرابىّ فيما أخبرنى المنذرىّ عن ثعلب عنه: البكر: قعود مثل القلوص فى النوق إلى أن يثنى. وهكذا قال النّضر بن شميل فى كتاب الإبل».
قال الأزهرىّ: «قلت: وقد ذكرت لك هذه الحروف التى أخطأ فيها، والتقطتها من أوراق قليلة؛ لتستدلّ بها على أن الرجل لم يف بدعواه، وذلك أنه ادّعى معرفة وحفظا يميّز بهما الغثّ من السمين، والصحيح من السقيم، بعد اعترافه أنه استنبط كتابه من صحف قرأها. فقد أقرّ أنه صحفىّ، لا رواية له ولا مشاهدة،