فأقبلنا نتذاكر أيامنا، فقال محمد بن الفضل: يا غلام، ما عندك من الطعام؟ فقال:
جدى بارد، وفراريج وشرائح «١»، فقال: ائتنا بما حضر، ولا تحبسنا بانتظار شىء.
ثم بعث إلى الجوارى فخرجن إلينا، ومع كل واحدة وصيفة تحمل عودها، وأخذن عيدانهنّ، وكان إذا مرّ بى الصوت استحسنته من مخارق، واستعدته. فغنىّ مخارق:
يقول أناس لو تبدّلت غيرها ... لعلّك تسلو إنما الحبّ كالحبّ
فاستحسنته، واستعدته مرّات، فقال لى مخارق يا أبا جعفر، كأنه كان لك! قلت:
نعم: قال: ففيه عيب، قلت: وما ذاك يا أبا المهنّأ؟ قال: هو بيت فرد، ويجب أن يكون له رفيق، فقلت:
فقلت لهم لو أنّ قلبى يطيعنى ... فعلت ولكن لا يطاوعنى قلبى
فأخذه، وغنّاه فأحسن.
وذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر «٢» فقال: «أحمد بن محمد بن يحيى بن المبارك بن المغيرة اليزيدىّ النحوىّ، كان من ندماء المأمون وقدم معه دمشق، وتوجّه منها غازيا للروم. سمع أباه «٣»، وأبا زيد الأنصارى سعيد بن أوس، وكان مقرئا؛ وروى عنه أخواه عبيد الله والفضل ابنا محمد، وابن أخيه محمد «٤» بن العباس بن محمد، وعون بن محمد الكندىّ، ومحمد بن عبد الملك الزيات».