جنى النحل مغترا وفى النحل آية ... فطورا له سم وطورا له شهد
تمدّك أجناد الملوك تقرّبا ... وجند السخين العين جزر ولا مدّ
ومن قوله فى الغزل:
تبدّت فهذا البدر من كلف بها ... - وحقك- مثلى فى دجى الليل حائر
وماست فشق الغصن غيظا ثيابه ... ألست ترى أوراقه تتناثر
غرامه بالكتب:
وقد أغرم القفطى بالكتب إغراما شديدا، ونافس فى اقتنائها، وبذل النفيس فى شرائها، وأنفق وقته فى حفظها وترتيبها، وأصبحت داره فى حلب قبلة الورّاقين، ومقصد النساخين. يجلبون له الكتب والأسفار. وهو يضاعف لهم الثمن، ويجزل العطاء. وله فى تلك البابة أعاجيب.
قال ابن شاكر «١»: «جمع من الكتب ما لا يوصف، وقصد بها من الآفاق، وكان لا يحب من الدنيا سواها، ولم تكن له دار ولا زوجة، وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب، وكانت تساوى خمسين ألف دينار».
وروى أنه اقتنى نسخة من كتاب الأنساب للسمعانىّ حرّرت بيد المؤلف؛ إلا أن فيها نقصا. وبعد الاطّلاب المديد والافتقاد الطويل حصل على الناقص، إلا أوراقا بلغه أن قلانسيا قد استعملها قوالب لقلانسه فضاعت، فتأسف غاية الأسف على هذا الضياع؛ حتى كاد يمرض، وامتنع أياما عن خدمة الأمير فى قصره. فصار عدّة من الأفاضل والأعيان يزورونه تعزية له، كأنه قد مات أحد أقار به المحبوبين.
وفى كتابه الإنباه نجده كثيرا ما يفخر بأنه اقتنى كتابا بخط مؤلف معروف، أو ناسخ مشهور، أو عثر على نسخة فريدة من كتاب لا توجد عند سواه.