قال: فأفكر «١»، ثم قال: وزنها «نفتعل». قال: فقلت له: «نكتل» أربعة أحرف، و «نفتعل» خمسة أحرف، فكيف تقدر الرباعىّ بالخماسىّ! قال: فبهت «٢»، ولم يحر جوابا «٣»، فقال له المتوكل، فما تقول أنت يا مازنىّ؟ قال: قلت: وزنها فى الأصل «نفتعل»؛ لأنها «نكتيل»، فلما تحرّك حرف العلة، وهو الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، فصارت «نكتال»، ولما دخل الجازم صارت «نكتل».
فقال المتوكل: هذا هو الحق، وانخزل ابن السكيت ووجم، وظهر ذلك عليه، وقمنا، فلما خرجنا قال ابن السكيت فى الطريق: بالغت اليوم فى أذاى! فقلت له: لم أقصدك بشىء ممّا جرى، وإنما مسألة كانت قريبة من خاطرى، فذكرتها.
وذكر أن بعض تلامذة المازنىّ دخل عليه، وهو يعالج نفسه، قال: فقلت له:
امرخ «٤» صدرك يلين؛ لأنى سمعت فى حلقه حشرجة، فقال لى: امرخ صدرك يلن.
قال المازنىّ: قال له الواثق: إن ها هنا قوما يختلفون إلى أولادنا فامتحنهم، فمن كان منهم عالما ينتفع بعلمه ألزمناه إياهم، ثم أمر فجمعوا، فامتحنتهم، فما وجدت طائلا، وخافوا، فقلت: لا بأس على أحد، فلما رجعت إليه قال: كيف رأيتهم؟
قلت: يفضل بعضهم بعضا، وكلّ يحتاج إليه، فقال: لله درّك يا بكر!، وأمر لى بصلة جزلة، وأجرى لى فى كل شهر مائة دينار، فكنت بحضرته.
قال المازنىّ: قلت لابن قادم، أو لابن سعدان لمّا كابرانى: كيف تقول:
«نفقتك دينارا أصلح من درهم؟»، فقال:«دينار» بالرفع، قلت: فكيف تقول:
«ضربك زيدا خير لك؟»، فنصب زيدا، فقلت له: فرّق بينهما، فانقطع، وكان ذلك عند الواثق.