قال ابن خالويه: قدم أبو رياش علينا ببغداذ، وقال: إنى أريد أن أدخل على أبى عمر الزاهد، ولا تعلمه بمكانى إذا دخلت عليه- وكانت فى أبى عبد الله ابن خالويه دعابة. قال: فلما حضر أبو رياش عرّفت أبا عمر الزاهد بمكانه، فقال:
إذا رآنى أبو رياش زاد فى ريشى ورياشى؛ يا أبا رياش: ما الرّيش والرّيش والرّيش والرّياش «١»؟ وما معنى قول الراجز:
أقول والعيس تشجّ الصّمدا «٢» ... وهى تشكّى وجعا ولهدا
لتنتجنّ عرضا «٣» أو نقدا ... أو لتحوّين برجل قردا «٤»
فأشار أبو رياش له إلى ظهره، ولم يزد على ذلك. وإنما قصد تفسير اللهد؛ من قولهم: لهد البعير الحمل «٥»؛ إذا ثقل على ظهره حتى يحدث به وهن أو ظلع.
وشرح أبو رياش الحماسة على سبيل النّكت فلم يأت بشىء، ووقع وهم فى الذى أورده من ذلك. واعتذر له عبد السلام البصرىّ- وكان خصيصا به- أنّ الوهم إنما دخل من النّقل؛ وذلك أنهم كانوا يستأذنون أبا رياش فى نقل الأخبار من الكتب، فيأذن لهم فى ذلك، ويلحقونها فى المواضع التى يحتمل أن تكون فيها ممّا وضعه أبو تمّام.