خجلا. وكان شاعرا مطبوعا، يلقى كلامه إلقاء، ويسلك طريق أبى العتاهية فى سهولة الطبع، ولطف التركيب، وقرب مآخذ الكلام، ولا غنى لأحد من الشعراء الحذّاق عن العرض عليه، والجلوس بين يديه؛ أخذا للعلم عنه، واقتباسا للفائدة منه. وكان سيدنا نصير الدولة «١» عارفا بحقّه، مقرّبا له، مقبلا عليه، لزمه بالقيروان مغرم فترك بسببه ألوف دنانير تناهز العشرة، بل تجاوز البدرة».
ومن شعره لعبد الله بن محمد الكاتب وقد أراد إدخاله الدعوى:
لكم علىّ وفاء ما حييت ولا ... أعدو رضاكم ولا أرضى بكم أحدا
لا تسألونى من دينى فأسخطكم ... لا بعت دينى بدنياكم إذا أبدا
فأعرض عنه، ولم يعرض له بعدها. وله:
قال العواذل قد طوّلت حزنك إذ «٢» ... لو شئت إخراجه عن سلوة خرجا
ولن أطيق خروج الحزن من خلدى «٣» ... لأننى أنا لم آمره أن يلجا
ومن شعره:
لما تحمّل قطّان الحمى تركوا ... عندى وساوس قد فضّلن بالحرق
وفى هوادجهم سرب أوانس قد ... دخلن فى الوحش بالأجياد والحدق
من كل مطلعة شمسا بلا فلك ... حسنا ويهززن أغصانا بلا ورق