للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدم سيبويه أيام الرشيد إلى العراق، وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، وتوفى وله نيّف وأربعون سنة بفارس. وكان وروده العراق لقصده يحيى بن خالد «١» البرمكىّ. ولما قيل ليحيى بن خالد: هذا فاضل نحاة البصرة اشتاقت نفسه إلى سماع كلامه. فقيل له: اجمع بينه وبين نحوىّ الكوفة الكسائى. فجمع بينهما، وحضر نحاة الكوفة، وحضر الأخفش الأوسط سعيد، وحضر الفرّاء والأحمر صاحبا الكسائىّ، وسألاه عن مسائل تلجلج فى جوابها. فقال يحيى بن خالد: من يحكم بين هؤلاء؟ فتراضوا بالأعراب، فأحضر من فصحائهم من قدم على باب السلطان، وهم أبو فقعس وأبو دماذ وأبو الجراح وأبو ثروان، فحكموا بما قاله الكسائىّ، فقال الكسائى ليحيى بن خالد: هذا رجل قدم عليك يريد من دنياك. فأجازه بعشرة آلاف درهم، فأخذها وعاد إلى البصرة، وخرج منها إلى فارس، فمات هناك فى سنة تسع وسبعين ومائة.

وكان المبرّد إذا أراد أحد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه يقول له: هل ركبت البحر! تعظيما له، واستعظاما لما فيه.

وكان المدينىّ يقول: من أراد أن يعمل كتابا كبيرا فى النحو بعد كتاب سيبويه فليستحى.

<<  <  ج: ص:  >  >>