بالقيروان «١»؛ فسمّيت القيروان؛ لأنها الأثقال فى كلام العرب- فإنى لعلى الكدية إذ أتى رسوله يشتد إلىّ؛ فقال: أجب يابن عوانة. فمضيت وما أحسب أن بعثته إلىّ ابتداء من غير أن أكون توسلت للوصول إليه إلا لأمر نمى إليه عنى من القول، فلما أتيت نزلت على بابه؛ فاستؤذن لى، فصعدت، وإنه لمع جاريته طلّة الهندية، فسلمت فأحسن الرد، فكأن روعى سكن. ثم قال: ما حالك؟ فقلت: مقلّ معدم أبو عيال، ولا مال. فقال: قد بلغت الغيث، فتخيّم؛ أى ألق خيمنك، فقلت:
الحمد لله؛ ذاك والله المأمول المرجوّ من الأمير. قال: مالك من العيال؟ قلت:
ثلاثون- قال: وكان أبو هريرة قهرمانه أكرم حضير ومشير- فقال: هم أكثر من ذلك إلى السبعين؛ بين قرابة وأصهار، يأملون كلهم رأى الأمير ويرجونه، وما هو بذى ماشية ولا غاشية ولا بتاجر. قال: قد أمرت لك بخمسمائة دينار، فادفعها إليه يا أبا هريرة، ومن القمح والشعير والتبن والطلاء والزيت والخلّ ما قال إنه يقوم به إلى رأس الحول. قال: فنزلنا، فوزن لى المال، وقال لأصحاب الخراج: احسبوا كم له فى هذه السنة ممّا أمر له، فجعلوا يعدون ويعقدون،- وكان السعر قد نزا «٢» - فقال لى أبو هريرة: هل لك إلى ما هو أقرب من هذا؟ تأخذ ثمنا.
قلت: ما أكره ذلك؛ فأعطانى خمسمائة دينار أخرى ومضيت، [وما أنسى طلّة]«٣» يومئذ وقولها: عالم البلد أهل لكل ما أسدى إليه، فانصرفت بأحسن حال.
وكان عياض يقرض الشعر ويجيده.
وذكر المرزبانى فى كتابه:«أن عوانة «٤» بن الحكم كان يقول لأخ له يقال له عياض:
نحوىّ، لا تعمّق فى النحو؛ فإنه لم يتعمق أحد فيه الإصار معلّما». قال: «فصار