للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لهم المستنصر: إن القاضى قد هجاكم؛ فقلنا: نجلّ القاضى عن ذكره فى مجلس مولانا، فقال: قد بدأكم، والبادى أظلم. فقلنا: إن رام المحافقة بحضور الشيخ أبى على القالى حافقناه على وهمه، ومدّ محمد بن أبى الحسين يده إلى الدّواة وكتب:

هلمّ فقد دعوت إلى البراز ... وقد فاخرت قرنا ذا نجاز [١]

ولا تمش الضّراء فقد أثرت ال ... أسود الغلب تخطر باحتفاز [٢]

وأصحر للّقاء تكن صريعا ... بماضى الحدّ مصقول الجراز [٣]

رويت عن الخليل الوهم جهلا ... بجهلك بالكلام وبالمجاز

دعوت له بخير ثم أنحت ... يداك على مفاخر بالعزاز [٤]

تهدّمها وتجعل ما علاها ... أسافلها، ستجزيك الجوازى

جزى الله الإمام العدل عنّا ... جزاء الخير فهو له مجازى

به وريت زناد العلم قدما ... وشرّف طالبيه باعتزاز

وجلّى عن كتاب العين دجنا ... وإظلاما بنور ذى امتياز

بأستاذ اللغات أبى علىّ ... وأحداث بناحية الطّراز

بهم صحّ الكتاب وصيّروه ... من التصحيف فى ظلّ احتراز

وعرضت على المستنصر فرآها وضحك وقال: قد انتصرت، وأمر بها فختمت، ثم وجه بها إلى القاضى، فلم يسمع له بعد ذلك كلمة.


[١] القرن، بالكسر: كفؤك فى الشجاعة.
[٢] الضراء، بالفتح والمدّ: الشجر الملتف فى الوادى؛ ويقال: فلان يمشى الضراء إذا مشى مستخفيا. والغلب: جمع أغلب، وهو الأسد الغليظ الرقبة.
[٣] الجراز: السيف القاطع.
[٤] العزاز فى الأصل: الأرض الصلبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>